كلمة الفريق

في عصرنا يوجد مئات الآلاف من المدونين والمدونات ، البعض يعمل بشغف وحب والآخر يعمل بشكل إنتاجي للكسب فقط ! أما نحن .. نحب ونعشق وندوووب في دباديب التدوين ونؤمن أننا سنقوم بإضافة كبيرة للمحتوى العربي ولو بشيئ بسيط ، نتعلم بشكل مستمر نشارككم بكل جديد ، نحاول المساعدة نحب أصدقاءنا ، نهتم بإستفساراتهم كما لو كانت ملكنا، فريقنا فريق واحد رغم أنه متكون من شخص واحد :) لكنه يعمل بجنون

هل يعود الإبداع إلى عوامل نفسية أم اجتماعية ؟
االاتجاه النفســــــي/يتوقف الإبداع على عوامل نفسية تتعلق بالذات المبدعة ، و ما يؤكد ذلك أن المبدعين يتميزون بقدرات ذاتية و خصائص نفسية و انفعالية متطورة حددها رينيه بواريل R.Boirel في الإرادة الكبيرة و الاهتمام و الميل والفضول العلمي و حب الإطلاع و الحس الإشكالي ، ان المبدع يطرح الأسئلة باستمرار ، و ينظر الى الأشياء العادية نظرة غير عادية تطرح أمامه إشكالية تستدعي الحل ، مثل العالم الفيزيائي نيوتن مكتشف الجاذبية و العالم أرخميدس مكتشف قانون الدافعةكما يتميز المبدعون بقوة الذاكرة و حدة الذكاء و التخيل الواسع و التأمل العميق ، و هي صفات يفتقر اليها الكثير من الناس 
يعود السلوك الابداعي في نظر العالم النفساني س . فرويد الى الدوافع النفسية اللاشعورية ، حيث تنفجر الرغبات المكبوتة و النزوات الخفية في صور ابداعية رائعة سماها بظاهرة الإعلاء
المبدع شخص متحمس ذو انفعال كبير يقول هنري برغسون H.Bergson " إن العلماء الذين يتخيلون الفروض ، و الابطال و القدسين الذين يبدعون المفاهيم الخلقية لا يبدعون في حالة جمود الدم بل يبدعون في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكــــار
النقدان العوامل النفسية غير كافية لتجعل من المرء مبدعا ، لأن الإبداع يحتاج أيضا الى امكانتيات مادية والى بيئة مشجعة ، و لعل هجرة الأدمغة الى المجتمعات المتقدمة لأحسن دليل على أن للمجتمع دور في هذه الملكة 
بالاتجاه الاجتماعـــــي /يرى فلاسفة الاجتماع و على رأسهم إميل دوركايم E.Durckeime أن الابداع له طبيعة اجتماعية ، و الدليل على ذلك أن الإبداع يتوقف على حاجات المجتمع من جهة ، و على درجة نموه من جهة ثانية . فالحاجة أم الاختراع ، عندما تظهر مشكلة في المجتمع يلجأ البعض الى اختراع الحلول لها ، لذلك لا يمكن أن نتصور إبداعا خارج حاجات المجتمع، فلما كان الناس بحاجة الى التنقل اخترعت وسائل النقل كالسيارة و القطار و الطائرة ، و لما كان المجتمع بحاجة الى الدفاع عن نفسه اخترعت مختلف الأسلحة ،و لما كان المرضى ايضا بحاجة الى العلاج اخترعت مختلف الأدوية و الأجهزة الطبية ، و لا يستطيع المبدع أن يبتكر شيئا الا اذا توفرت لديه الإمكانيات المادية التي يوفرها المجتمع ، لذلك لم يكن باستطاعة الناس أن يصنعوا القنبلة الذرية في العصور الوسطى رغم ذكائهم و خيالهم الواسع الذي برز في الفلسفة و الأدب لأن صنعها يتطلب تيكنولوجيا عالية 
ان الإبداع يكثر كذلك في الدول المتقدمة ، و يكاد ينعدم في الدول المتخلفة مما يؤكد أنه مرتبط بحالة المجتمع الاقتصادية و السياسية و الثقافية ،و يرى دوركايم ان المبدع في مختلف المجالات لا يبدع لنفسه بل يبدع للغير ، فأروع الفنانين مثلا هم الذين يثيرون مشاعر الجماهير ، و يتركون أثرا في حياة الجماعة
النقد/ لو كان الابداع يعود الى عوامل اجتماعية لكان افراد المجتمع المتقدم كلهم مبدعين ، و العكس بالنسبة الى أفراد المجتمع المتخلف ، الا أن الواقع يثبت العكس.مما يؤكد أن للعوامل الذاتية دخل في هذه الوظيفـــــة
الحل بعد التركيبالتخيل المبدع وليد عوامل نفسية و اجتماعية معا
السؤال المشكل
1- هل الإبداع في مجتمع متخلف ممكن ؟ 
كيف يمكن إبطال الأطروحة التالية ( الإبداع فاعلية ذاتية ) ج-ف



نص السؤال :
1- أثبت بالبرهان صحة الأطروحة القائلة  " إن الحاجة هي أم الاختراع "

2- إذا افترضنا الأطروحة إن الحاجة هي أم الاختراع " فاسدة وتقرر لديك الدفاع عنها وتبينها فما عساك تصنع ؟
الطريقة:  استقصاء بالوضع

طرح المشكلة:
يعتقد الكثير من الفلاسفة وعلماء النفس أن الإبداع هو نتاج تفكير فردي واعي غير أن هناك من يرى أن الحاجة هي أم الاختراع وتبدو هذه الأطروحة التي تضمنها نص السؤال صحيحة لا نشك فيها ولكن تأييدها المطلق بها يلزمنا بتقديم البرهان فما هي الأدلة والبراهين التي تؤكد صحتها ؟

محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة : ينطلق أنصار هذا الموقف من فكرة مفادها أن الحاجة هي أم الاختراع ومن مسلمات هذا الموقف أن الإبداع هو ظاهرة اجتماعية أي أن العوامل الاجتماعية هي المتحكمة والمسئولة عن ظاهرة الإبداع .
ولتدعيم موقفهم اعتمدوا على جملة من الحجج نذكر منها :
إن الوضع الاجتماعي هو الذي يسمح أولا يسمح بالإبداع .
إن المسائل التي يريد المخترع معالجتها لا تتولد إلا في وسط اجتماعي بلغ درجة معينة من التطور الاقتصادي والعلمي حيث يقول جاك بيكارد "لا يمكن حصول كشف علمي أو اختراع جديد إلا إذا كانت حالة العلم تسمح به فإذا سمحت بذلك تولد الاختراع ونمى بالضرورة " وقد أكد على هذه الفكرة الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي اميل دوركايم حيث يرى أن الإبداع في شتى المجالات يرجع إلى الظروف الاجتماعية التي يعيشها المبدع ذلك أن الفرد إلا عجينه في يد المجتمع الذي يوفر له قاعدة الانطلاق في عمله الإبداعي .
 فالإنسان لا يبدع من العدم وإنما يبدع انطلاقا مما تقدمه البيئة وما تفرضة من مشاكل والدليل على ذلك أن تاريخ العلوم يؤكد أن بعض الاختراعات تأخرت عن الظهور وإذ كانت مهيئة لذلك منذ مدة طويلة
ومن جهة أخرى نجد تشابها بين الاختراعات التي تعود إلى نفس العصر "لينتز"مثلا أبدع حساب اللامتناهيات في نفس الوقت التي ابتدعها نيوتن رغم أن هذا الأخير كان في انجلترا ولينتز كان في ألمانيا ولم يطلع أحدهما على بحوث الأخر  كذلك بالنسبة للهندسات اللااقليدية التي وضعها كل من الروسي "لو تيشفيسكي" والألماني "ريمان" حيث لم يبع هؤلاء نفس المعارف لأن إلهاما واحدا نزل عليهم وإنما أبدعوا لأن حالة العلم بلغت درجة معينة تحتم التساؤل والتعبير حيث يقول لوروا "ليس هناك أجيال تلقائية ليس هناك عبقري دون سابق أو بدون تعلم أو مدرسة خاصة " فالمخترعون الممتازون تتلمذوا على أيدي أساتذة ، كما أن الاختراعات التكنولوجية والاكتشافات العلمية ليست من إنتاج مخترع واحد مهما كانت عبقريته إنما هي نتاج عمل مستمر للعديد من العلماء انشغلوا لفترات متعاقبة من الزمن وأمكنة مختلفة وهذا ما أكده أحدهم أن آلة النسيج مثلا هي تركيب حوالي ثمان مئة اختراع .
كما أن المبدع كفرد اجتماعي يتأثر بحاجات مجتمعه ومشاكله فينكب عليها محاولا إيجاد الحلول المناسبة لها فكل إبداع يشهد على روح العصر وحاجته حيث يقول باستور : إن الأفكار الخصبة هي ثبات الحاجة  

عرض خصوم الأطروحة :  
يذهب بعض الفلاسفة إلى اعتبار الإبداع ظاهرة خاصة توجد لدى بعض الأفراد دون غيرهم لأن الأحوال النفسية والعقلية من ميول ورغبات واهتمام ومواهب وقدرات عقلية هي التي تدفع بالفرد إلى الإبداع بدليل أن العباقرة يمتازون بخصائص وقدرات نفسية وعقلية تمكنهم من تجاوز ما يعجز عنه الآخرون .
نقد خصوم الأطروحة:
إن الإبداع ليس مجرد إلهام مفاجئ يحضى به بعض الأفراد بل هو ظاهرة اجتماعية تضرب بأعماق جذورها في الحياة الاجتماعية التي يأخذ منها المبدع مادته هذا من جهة ومن جهة أخرى أن الفرد لا يمكن عزله عن البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها .
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية :
أعتقد أن الإبداع لا يعود إلى عوامل فردية بل يعود إلى عوامل اجتماعية إما أن يعود الإبداع إلى عوامل نفسية أو اجتماعية لكنه لا يعود إلى عوامل نفسية إذن فهو يعود إلى عوامل اجتماعية .
ذلك أن الواقع والتاريخ يؤكد أن معظم العباقرة المخترعين كان الفضل في إبداعهم يعود إلى البيئة الاجتماعية التي عاشوا فيها وكمثال على ذلك الرقي والتطور والازدهار التي عرفته الدولة الإسلامية في ظل الدولة العباسية حيث كانت البيئة الاجتماعية تساعد على الإبداع وهذه الفكرة تؤكدها المدرسة الاجتماعية حيث يقول دور كايم  "إن الإبداع في شتى المجالات يرجع للظروف الاجتماعية التي يعيشها المبدع".
حل المشكلة:
ومما سبق نخلص إلى أن الأطروحة صحيحة وقابلة للدفاع والتبني وهذا ما تؤكده المشاكل التي نعيشها والتي كانت سببا رئيسيا ومباشرا للإبداع وهذا ما نلمسه في انشغال العلماء والمختصين لإيجاد حلول لها مثل مرض السرطان والايدز ...


مقالة جدلية حول الذاكرة
السؤال :  
إذا كنت أمام موقفين متعارضين أحدهما يقول الذاكرة مرتبطة بالدماغ والأخر يقول الذاكرة أساسها نفسي وطلب منك الفصل والبحث عن الحل فما عساك تصنع؟
المقدمة : طرح الإشكالية يتعامل ويتفاعل الإنسان مع العالم الخارجي بما فيه من أشياء مادية وأفراد يشكلون محيطه الاجتماعي ,يتجلى ذلك في سلوكات بعضها ظاهري والأخر باطني المتمثل في الحياة النفسية والتي من مكوناتها << الذاكرة >> ,فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحدهما أرجع الذاكرة إلى الدماغ ,والأخر ربطها بالعوامل النفسية فالمشكلة المطروحة: هل أساس الذاكرة مادي أم نفسي ؟
التحليل:
عرض الأطروحة الأولى ربطت النظرية المادية بين الذاكرة والدماغ فهي في نظرهم ظاهرة بيولوجية , أي أساس حفظ واسترجاع الذكريات " فيزيولوجي" وهذا ما ذهب إليه ريبو الذي قال >> الذاكرة حادثة بيولوجية بالماهية << حيث أرجع الذاكرة إلى الجملة العصبية وحدٌد 600مليون خلية عصبية في نظره هي المسؤولية على الحفظ و الاسترجاع بحكم المرونة التي تتصف بها , فمثلها تحتفظ مادة الشمع بما يطبع عليها, كذلك الخلايا العصبية تحتفظ بالأسماء والصور والأماكن ومن الحجج التي تذمم هذه الأطروحة>> تجارب بروكا << الذي أثبت أن إصابة الدماغ بنزيف يؤدي إلى خلل في الذاكرة, مثل الفتاة التي أصيبت برصاصة في الجدار الأيسر من دماغها أصبحت لا تتذكر ولا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها , كما ترتبط هذه الأطروحة بالفيلسوف ابن سينا الذي قال >> الذاكرة محلها التجويف الأخير من الدماغ >> , << ونفس التفسير نجده في العصر الحديث عند الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي أرجع الذاكرة إلى الجسم وهذا واضح في قوله " تكمن الذاكرة في ثنايا الجسم" النقــــــدهذه الأطروحة نزعت من الذاكرة"الجانب الشعوري " والإنسان عندما يتذكر فإنه يسترجع الماضي بما فيه من مشاعر وانفعالات.عرض الأطروحة الثانية يرى أصحاب النظرية النفسية أن الذاكرة تتبع الشعور الذي يربط الحاضر بالماضي وذلك من أجل وشم معالم المستقبل وحجتهم في ذلك أن الذكريات عبارة عنأفكار , تصورات, حالات نفسية >, وهي معنوية وليست من طبيعة مادية تعود هذه الأطروحة إلى الفرنسي برغسون الذي قسم الذاكرة إلى قسمين : "ذاكرة حركية " أطلق عليها مصطلح العادة "<وذاكرة نفسية " وصفها بأنها ذاكرة حقيقية , وحجته التي استند إليها في ربط الذاكرة بالجانب النفسي أن فاقد الذاكرة يستعيدها تحت تأثير صدمة نفسية كما يثبت ذلك الواقع , لذلك قال في كتابه:الذاكرة والمادة " الانفعالات القوية من شأنها أن تعيد إلينا الذكريات التي اعتقدنا أنها ضاعت إلى الأبد " وفسرت هذه النظرية استرجاع بقانون " تداعي الأفكار" حيث قال جميل صليبا " في كل عنصر نفسي ميل إلى استرجاع ذكريات المجموعة النفسية التي هو أحد أجزائها " ومن الأمثلة التوضيحية أنة الأم التي ترى لباس ابنها البعيد عنها تسترجع مجموعة من الذكريات الحزينة , وهذا يثبت الطابع النفسي للذاكرة .النقــــد:النظرية النفسية رغم تبريرها لكيفية استرجاع الذكريات إلا أنها عجزت عن تحديد مكان تواجد الذكريات التركيب : الذاكرة محصلة لتفاعل العوامل المادية والنفسية والاجتماعية , هذا الأخير يساهم في استرجاع الذكريات كما قال هال فاكس " عندما أتذكر فإن الغير هم الذين يدفعونني إلى التذكر" ولكن بشرط سلامة الجملة العصبية <الدماغ> , فقد أكد الأطباء استحالة استرجاع الذكريات دون تدخل الدماغ دون إهمال العوامل النفسية هذا الحل التوفيقي لخصه " دولا كروا" في قوله " الذاكرة نشاط يقوم به الفكر ويمارسه الشخص ". الخاتمة :
ومجمل القول أن الذاكرة قدرة تدل على الحفظ والاسترجاع ولكن الإشكالية لا ترتبط بمفهوم الذاكرة بل بالأساس الذي يبني عليه , فهناك من ربطها بشروط نفسية وكمخرج للمشكلة نستنتج أن :الذاكرة محصلة لتفاعل العوامل المادية والاجتماعية والنفسية.




الإشكالية الأولى : إدراك العالم الخارجي
المشكلة الرابعة : الذاكرة والخيال


مقدمة : طرح المشكلة
    نلجأ في كثير من المواقف التي تعترض حياتنا، وأيضا لمواجهة مشاكلها إلى مكتسبات وخبرات الماضي، إذ أننا لا نبقى في مستوى اللحظة الراهنة وإمكانياتها، فحياة الإنسان ليست مقتصرة على منطق الحاضر لوحده، فهو ينظم حياته داخل شبكة نسيجها الماضي والحاضر والمستقبل، كما يمكن للإنسان أن يقوم بعملية تركيب لصور الماضي بدون أن يكون ذلك الماضي كما هو، وذلك عن طريق بنائه من جديد إما بالإضافة أحيانا أو بالحذف أحيانا أخرى، كما أنه له القدرة على تجاوز الحاضر والماضي معا، والذي يقوم بهذه العملية وظيفتان نفسيتان وعقليتان هما الذاكرة والخيال اللتان ترتبطان معا وتتداخلان، لكن إذا كنا لا نستغني عن العالم الخارجي في نشاطاتنا الذهنية فإننا في استحضار ذكرياتنا وتحريك خيالاتنا، نبني ونبدع، ولكن لماذا لا يسعنا في بنائنا أو إبداعنا، إعادة معطيات الماضي ولا مدركات الحاضر كما هي؟
I. كيف يمكن اعتبار التذكر استعادة لما هو ماض من أجل إعادة بناء ما هو راهن؟
    مفهوم الذاكرة: هي الوظيفة التي تعمل على حفظ الخبرات الماضية، والقدرة على إعادة إحيائها واسترجاعها، قصد التكيف مع الوضع الراهن.
   وقد عرفها "لالاند" في معجمه " المصطلحات الفلسفية " بأنها : (( وظيفة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك )).
    وعليه يمكن أن نستنتج أن الذاكرة عملية نفسية شعورية، تدل على خصوصية إنسانية عامة، يتفاوت فيها الأفراد بحسب قدراتهم.
   أولا: طبيعة التذكر بين الخصائص العضوية والخصائص الشعورية:
       تفسير طبيعة التذكر تعددت فيه الآراء، ولم يتفق الفلاسفة والعلماء حول تفسير واحد لها، من حيث انه عملية يتداخل فيها ما هو عضوي وجسمي بما هو نفسي.
    أ ـ التفسير العضوي ( المادي ) للتذكر:
    يرد أصحاب هذا الرأي تفسير طبيعة التذكر إلى خصائص عضوية مادية، فعملية تثبيت وحفظ الذكريات واسترجاعها، مرتبطة بأجهزة عضوية بيولوجية، موجودة على مستوى الدماغ، وهي المسؤولة عن مختلف عمليات الذاكرة، ولهذا اعتبر " ريبو "  أن : ((  الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية، وظاهرة سيكولوجية بالعرض )). ويؤكد هذا الاتجاه المادي، محاولا تفسير عملية التذكر تفسيرا علميا، إلى إرجاع حدوثها إلى مجموع الارتباطات الديناميكية بين الخلايا العصبية التي تسجل الانطباعات، وتحتفظ بآثارها في الدماغ على شكل آثار مادية تركتها الحوادث على خلايا القشرة الدماغية، ويزيد تثبيت وحفظ هذه الذكريات أكثر عن طريق التكرار، فثني الوراقة مثلا عدة مرات يبرز أثر الثني أكثر، كما أن الذكريات تزول من الدماغ، كلما أصيبت منطقة فيه بأي نوع من أنواع التلف، فيصاب بالتلف ما كانت تحتفظ به جزئيا أو كليا. وعليه استنتج ريبو (( أن الذاكرة وظيفة عامة للجهاز العصبي ))، لذلك فإن طبيعة الذاكرة أساسها الفاعلية العضوية المرتبطة بالجسم ووظائفه.
 مناقشة: غير أننا نلاحظ تفسير طبيعة الذاكرة بالخصائص العضوية المادية وحدها، فيه كثير من المبالغة، لأن هناك اضطرابات وصدمات نفسية تؤدي إلى فقدان القدرة على التذكر رغم سلامة الدماغ والجهاز العصبي. كما أن ربط الذكريات بمراكز معينة في الدماغ فكرة لا تثبتها أبحاث العلماء، بل يبرهنون على أن الجهاز العصبي نظام دقيق ومتشابك يشمل جميع الوظائف الحسية والفكرية لدى الإنسان، مما يعني أن الفاعلية العضوية مقتصرة على توضيح الجانب المادي في آلية الذاكرة فقط، أما الذاكرة كوظيفة حيوية وكيفية فقد ترتبط بخصائص أخرى شعورية.
 ب ـ التفسير الشعوري ( الروحي ) للتذكر:
  إن تفسير طبيعة التذكر ووظائفه المختلفة عند أصحاب هذا الاتجاه وعلى رأسهم " برغسون " يرد إلى الخصائص الشعورية النفسية، فالذاكرة عملية نفسية واعية قوامها الشعور، فهي جوهر روحي محض، وديمومة شعورية، تسجل كل ما عشناه وما مر بنا، ويبقى محفوظا وحيا كصور في أعماق النفس، ولا يعود إلى ساحة الشعور، إلا عند الحاجة، وأداة استرجاع الماضي وربطه بالحاضر هي الدماغ أو الجهاز العصبي. ولتوضيح هذا الأساس، والرد في نفس الوقت على أصحاب التفسير العضوي، يميز برغسون بين نوعين من الذاكرة :
     ـ ذاكرة حركية: وتكون في شكل عادات آلية مرتبطة بالجسم ، وهي تشمل الأنشطة الحركية المكتسبة
        بالتكرار، وهي مجرد عادة آلية نفعية فقط، ولا تعبر عن حقيقة التذكر.
     ـ ذاكرة نفسية شعورية: وهي المعبرة عن حقيقة الذاكرة لأنها تشمل الماضي، وتستحضره وتعيد إحيائه في آن واحد، فهي ذاكرة الصور النفسية المرتبطة بديمومة الشعور، والمستقلة عن الدماغ وعن ذاكرة العادة. ومن هنا تكون الذاكرة خاصية شعورية تعبر عن الصور النفسية التي تعيش الماضي وتستحضرهن وتملك القدرة على إحيائه في الحاضر.
مناقشة: غير أن ربط الذاكرة بالخصائص الشعورية وحدها، أمر مبالغ فيه، لأن استرجاع بعض الذكريات يحتاج إلى سند حركي، وإلى وضعية نفسية، مندرجة في وضعية جسمية، كما أنه من الصعب أن نفهم أن الذاكرة كشعور نفسي خالص، وتستخدم الدماغ كآليات مادية من أجل استحضار الذكريات، ألا يدل هذا على تداخل ما هو عضوي بما هو نفسي، وأن الفصل بينهما أمر شائك.




 ثانيا : التذكر بين المعرفة والتوازن النفسي:
يلعب فعل التذكر دورا هاما في حياة الإنسان سواء من الناحية المعرفية أو الانفعالية، والأفراد يختلفون في معارفهم وتوازنهم النفسي باختلاف القدرة على استدعاء ذكرياتهم، ولكن أين تكمن القيمة النفسية للتذكر، هل في دور العقل أم في دور الانفعالات التلقائية؟
 أ ـ الذاكرة العقلية والتذكر الإرادي:
    الذاكرة  العقلية هي الذاكرة التي تحفظ المعاني والأفكار والبراهين والأحكام والتصورات ، وهي التي تعبر عن مجموع الصور العقلية ونشاطاتها المخزنة، ولها أثر بالغ الأهمية في اكتساب العلوم والمعارف وتنمية القدرات العقلية وتنشيطها. ومن أبرز صور الذاكرة العقلية:
   ـ التذكر الإرادي: وهو أرقى وظائف الذاكرة لأنه تذكر منظم، يتميز بتدخل العقل وحضور الوعي، وفعاليته في تمثيل الماضي، ومراقبتهن وتأويله، واصطفاء عناصره، وتنسيقها، وهذا يتطلب جهدا أكثر، وتأملا أعمق، وفهما أوضح، يقتضي الاستعانة بوظائف أخرى، كالذكاء، والتخيل، والإدراك، فهو تذكر أساسه الانتقاء والاختيار والقصد.
ب ـ الذاكرة الانفعالية والتذكر العفوي:
    الذاكرة الانفعالية وهي الذاكرة المرتبطة بالقدرة على تذكر الأحوال الانفعالية السابقة، وما يصحبها من شعور وانطباعات نفسية، وهذه الذاكرة هي التي تحيي العواطف، وتوقظ الميول وتجدد الانفعالات، لكن تأثيرها يختلف من شخص إلى آخر، فقد تكون قوية واضحة، وقد تكون ضعيفة، بحسب الذات، وأثر ذكرى الموضوعات فيها، وكما أن حياتنا الانفعالية لما كانت حقيقة فطرية تعبر عن حيوية حياتنا ونشاطاتها بطريقة تلقائية عفوية، فإن الذاكرة الانفعالية هي أيضا فعل تلقائي، واسترسال شعوري لا إرادي، ومن هنا يبرز شكل آخر للتذكر هو:
   ـ التذكر العفوي: وهو تذكر تلقائي، سهل لا عناء فيه، أساسه استدعاء الذكريات كاستجابة تكيفية آلية لظروف حاضرة، وتكون هذه الاستجابة التلقائية التكيفية تبعا لمنبهات معينة ( عوامل نفسية، علاقات اجتماعية... ) وهذا التذكر العفوي محكوم بمبدأ تداعي المعاني ، والذي يعني أن الظواهر أو الأحوال النفسية ترتبط ببعضها وتدعو بعضها بعضا للحضور وفق شروط معينة، كالاقتران، والتشابه، والتضاد...
ثالثا: الذاكرة الفردية والمجتمع:
     إن الذاكرة ومهما اتسمت بالصبغة الفردية، لارتباطها بالشعور الفردي المتميز، فإنها تبقى متينة الصلة بالحياة الاجتماعية التي يستمد منها الفرد وجوده وعلاقاته، كمواد وخبرات لذاكرته، لذلك كانت ملامح الذاكرة الفردية لا تحدد إلا من خلال طبيعة الموقع الذي يأخذه الإنسان في مجتمعه، وأن الجماعة التي ننتمي إليها هي التي تحفظ الخبرات الماضية، وتقدم لنا الوسائل التي تساعدنا على استرجاعها، ولهذا يؤكد " هالفاكس " أننا حينما نتذكر فإن الغير هو الذي يدفعنا إلى ذلك لأن ذاكرته تساعد ذاكرتنا، في نطاق الأطر العامة للذاكرة الاجتماعية، واللغة هي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية، من هنا كان الفرد ضمن الجماعة لا يعيش ماضيه الفردي الخاص، بل يعيش ماضيه الجماعي المشترك، كالاحتفالات الدينية، والوطنية.
مناقشة: غير أن هذا الكلام لا يعني تعويم الذاكرة الفردية في نطاق الذاكرة الاجتماعية، لأنه بالرغم من أن المجتمع قد يشكل إطارا عاما لتكوين الذكريات، فإن هناك الكثير من الذكريات الفردية الخاصة المرتبطة بميولاتنا، واهتماماتنا، ورغباتنا، لا دخل للمجتمع فيها.
 ـ إن الذاكرة ليست مجرد وعاء لتسجيل الخبرات، بل هي وظيفة حيوية، تعبر عن حضورها الفردي في شعورنا الراهن وليست بمعزل عن العالم الخارجي، والبيئة التي نعيشها.

 II.  وظيفة التخيل بين الاسترجاع والإبداع:
    مفهوم التخيل: يعرف التخيل على أنه : (( قدرة الفكر على استحضار الصور، بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، وتركيب الصور تركيبا حرا )).
  وعرف " ابن سينا " التخيل بأنه : (( قدرة العقل على التصرف في الصور بالتركيب والتحليل )).
  واعتبر " لالاند " التخيل بأنه : (( ملكة تركيب شيئا لا واقعيا ولا موجودا )).
   أولا : الاسترجاعية والاستمرارية في التخيل:
         1 ـ الاسترجاعية بين التخيل والتذكر: في الحقيقة أن التخيل والتذكر وظيفتان مترابطتان ومتداخلتان، ولا يمكن أن نستغني عن بعض من التخيل ونحن نمارس فعل التذكر، ولا أن نستغني عن بعض من التذكر ونحن بصدد التخيل، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد اختلاف وظيفي بينهما، فبرغم اشتراكهما في التعامل مع معطيات التجربة الإدراكية وما تقدمه من وقائع، وكذلك اشتراكهما في استخدام آلية الاسترجاع للتعامل مع عناصر الخبرة الماضية، إلا أن التخيل والذاكرة يختلفان من حيث أن الاسترجاع في الذاكرة هو استدعاء للخبرة الشعورية الماضية بأحوالها وعناصرها، قصد التكيف مع المواقف الراهنة، مما يعني أنه استرجاع مألوف، ومغلق على الحالة التي عرفناها فقط. أما الاسترجاع في التخيل فهو استدعاء يتميز بأنه حر يمكنه محو بعض العناصر أو إضافة أخرى، عن طريق خاصية تجميع الصور أو التفريق بينها، وإعطائها وظائف جديدة، مما يعني أن الاسترجاع في التخيل يكون مفتوحا، وممارسا للتغيير والتجديد، والتخلص من الواقع.
      2 ـ الاستمرارية بين التخيل والإدراك: إن تحصيل أي موضوع أو صورة، وجب أن يكون قد مر على الإدراك أولا، فالذات لا تتعامل إلا مع مدركاتها، لهذا كان الإدراك محصورا في الواقع والحاضر، ويدرك الموضوعات على الصورة التي عليها، وكما هي واقعة، ليعرفها على حقيقتها، ويحكم عليها. أما التخيل فبرغم اعتماده على عناصر الواقع، فإنه يتجاوز ذلك ويمكنه التحرر منها، وتشكيل وتغيير الصور على النحو الذي تشاؤه الذات، وفي صور جديدة وإبداعية، تتجاوز الماضي والحاضر، وتتوجه إلى المستقبل، وبناء وتركيب صور وهمية لا مثيل لها في الواقع، كما هو الحال في الخيال الأدبي والفنين مما يجعل من التخيل تحررا من صور الإدراك وسيطرته، وانفتاحا على الإبداع والإتيان بالجديد.
   لكن هل فعالية التخيل كلها صور واحدة معبرة عن الإبداع أم أنه أشكال مختلفة؟

ثانيا: أنواع التخيل: التخيل نوعان:
      أ ـ التخيل التمثيلي: وهو استرجاع لصور الأشياء التي طبعت في الذهن، بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، وسماها القدامى بالقوة المصورة، لأنها تعبر عن رجوع الصور النفسية الماضية إلى ساحة الشعور، بصورة تلقائية، دون التعرف عليها، ودون تحديد زمانها ومكانها، والتخيل التمثيلي عام في حياتنا لأننا نعيشه في كل علاقاتنا وتعاملاتنا اليومية بعفوية.
    ب ـ التخيل الإبداعي: عملية ننشئ بها صورا جديدة بحيث نتحرر من الصور الماضية، وتركبها بأوجه لم تكن موجودة من قبل، فهو تخيل خصب وإيجابي، يتميز بالفعالية، والقدرة على الابتكار، والانفتاح على صور غير متوقعة، تنفلت من الواقع، كتخيل الرسام الذي يرسم صور خيالية يراها في أعماق نفسه، أو تخيل العالم الذي يبدع نظرية جديدة. من هنا يمكن القول أن التخيل الإبداعي هو قدرة وفعالية على الابتكار، لكن كل إنسان يمارسه حسب قدراته، ومجاله الذي يكون فيه، فخيال العالم وإبداعه، يختلف عن خيال الفنان، أو الأديب، أو المهندس، أو الفيلسوف...
 وكل هذا يجعل التخيل الإبداعي أساسا لصناعة الواقع، والتعبير عنه بأشكال إبداعية تعبر عن الإنجازات الحضارية في مختلف الميادين، ويبرز قدرة الذات وأثرها في تغيير الواقع والتعامل مع العالم الخارجي.
غير أن تنشيط هذا الخيال المبدع، وتحفيزه يرتبط بشروط ومحددات قد ترتد إلى عوامل نفسية ( عقلية وانفعالية )، حيث يرى بعض العلماء والفلاسفة، أنه لا يمكن معرفة عملية الإبداع إلا بالرجوع إلى حياة المبدع النفسية فالعوامل الذاتية من عناصر انفعالية وفكرية تلعب دورا أساسيا في عملية الإبداع.
 ولكن هناك من الفلاسفة والعلماء من يرها إلى العوامل الموضوعية فهي تمثل عاملا ودافعا للإبداع، إذ المبدع هو ابن بيئته التي يعيش فيها، ومن ثم فإبداعه هو نتاج الظروف المحيطة به من جهة، وما يحتاج إليه المجتمع من جهة أخرى.
    .IIIكيف نفسر نسبية عمل التذكر والتخيل؟
    إن التعرف على التذكر والتخيل كفعاليات عقلية عليا، وفهم الصورة الإيجابية لهما، سواء في بناء الذكريات وإعادة الماضي قصد التكيف أو في إبداع الصور بواسطة التخيل، لكنهما من ناحية اخرى يخضعان لكثير من العوامل والتأثيرات التي تجعل من عملهما يتم بشكل نسبي وتقريبي ومن الصعب الوثوق به، فالذاكرة عاجزة على أن تحتفظ بكل دقائق وتفاصيل الخبرة الماضية ونسيان أجزاء منها، كما أن الكثير من تخيلاتنا تبقى عرضة للتحول والتغير، ومعايشة الأوهام، مما يدل بوضوح على القصور والنسبية في عملهما، فكيف نفسر ذلك؟
 أولا: الذاكرة بناء غير مكتمل للماضي:
الذاكرة كاستعادة حاضرة لحوادث ماضية، لا يمكنها أن تسترجعه كما هو، لأنها تتأثر بالظروف التي تتم فيها من جهة، كما تتأثر بطابع الإدراك الذي تم به تسجيل الحوادث الماضية من جهة أخرى، إلى الحد الذي يؤدي إلى التعبير عن الماضي بصورة ناقصة، أو مشوهة، حسب الميول والاهتمامات الراهنة التي تندرج فيها الذات، وهذا ما يدل عليه شدة اختلاف الناس عندما يطلب منهم الإدلاء بشهاداتهم حول حادثة معينة يكونون قد شهدوها، خاصة في تفاصيلها، وهذا ما يظهر العمل غير المكتمل للذاكرة عن الماضي، والعجز والقصور في وظيفتها، فبماذا نفسر سبب ذلك؟
  إن تفسير ذلك يرد إلى سببين أو ظاهرتين أساسيتين هما :
    1 ـ آلية النسيان: النسيان ظاهرة نفسية مرتبطة بالذاكرة، لكنها تعاكسها في الوظيفة، لهذا نجد المدلول الشائع يعتبر أن النسيان : (( هو الوجه السلبي للتذكر )) مما يعني أن النسيان (( هو الفقدان المؤقت أو النهائي لما حفظته الذاكرة من الخبرات والمهارات المختلفة )). فالنسيان بهذا المعنى عاملا للهدم، وتدمير مواد الذاكرة وانحلالها وتلاشيها، واضمحلالا للماضي، والعجز عن استحضاره، ولا يعني هذا الكلام أن النسيان تعبير عن الفشل والإخفاق ، وأنه ذو طابع سلبي كما يعتقد عامة الناس، بل إن للنسيان وجها آخر محملا بالمعاني الإيجابية، التي لا تسيء إلى الذاكرة، بل يصير النسيان من شروط سلامتها وبقائها وتجديدها، ونوعا من التفريغ اللإرادي للأحداث والتفاصيل الثانوية، لإعطاء المرونة للذاكرة للاهتمام بالأهم والتكيف مع الراهن، كما أنه وسيلة للتراحم بين الأفراد، يمحو آثار الأحقاد والآلام والضغائن...مما يعني أن النسيان وجه إيجابي وشرط من شروط التوازن النفسي ووسيلة للتكيف والتأقلم.
 وعلى هذا، فالنسيان ظاهرة ملازمة لحياة الإنسان لكنه على قسمين:
     ـ نسيان طبيعي: وهو نسيان عادي، يلازم جميع الناس، كالنقص في تثبيت أمر ما، أو قلة اهتمام، أو نتيجة تداخل مواد دراسية مختلفة...
    ـ نسيان غير طبيعي ( نسيان مرضي ): يحتاج إلى علاج ، والبحث عن أسبابه الحقيقية وهذا ما يتجسد بجلاء في أمراض الذاكرة.
 2 ـ أمراض الذاكرة: إن الذاكرة تصاب بأمراض تهدد توازن الشخصية ووحدتها، وأشهر هذه الأمراض:
        ـ صعوبة التذكر: ينشأ عن عجز في تثبيت الذكريات نتيجة مرض يصيب الجملة العصبية يكون مؤقتا أحيانا مثل المصاب بالحمى الشديدة، أو شبه دائم كما في أعراض الشيخوخة.
        ـ فقدان الذاكرة: ويعني اضمحلال الذكريات والعجز عن استحضارها واسترجاعها، وقد يكون الفقدان ومؤقتا أي لمدة محددة من الوقت أو لبعض الأنواع من الذكريات كالأسماء أو الأماكن أو المهن، كما قد يكون العجز عاما لجميع الذكريات.
       ـ انحراف الذاكرة: وهو مرض الذاكرة الكاذبة ينشأ عن فساد العرفان، حيث يورد المصاب باستمرار خبرات خاطئة ومحرفة ومشوهة، وهو لا يعلم أنها كذلك.
      ـ فرط التذكر: وهو قوة استدعاء الذكريات بجزئياتها وتفاصيلها من الماضي القريب والبعيد، ويعرف بمرض تضخم الذاكرة الشائع خاصة عند المتقدمين في السن.
ثانيا: التخيل من الحلم إلى الوهم:
   فقد يستبد التخيل بصاحبه، وينحرف به إلى عالم الأوهام الكاذبة ويفقد صلته بالواقع بطريقة عفوية لا إرادية، ومن أشكال وصور هذا التخيل السلبي :
     ـ أحلام اليقظة: وهي حالة يعايش فيها الإنسان مجموع من الصور التي يتخيلها في يقظته، تنشأ عن نقص الانتباه، وشرود الذهن، فينسى صاحبها حاضره، لأنه يستبدل الحقيقة والواقع بالخيال.
    ـ الوهم والهلوسة: وهما تعبيران عن الاضطرابات النفسية والعصبية الناتجة عن فرط الخيال، وفقدان صاحبه للقدرة على التحكم في صوره الذهنية. وما ينتج عن ذلك من اختلالات. والوهم ينشأ في حقيقته عن تمثل أو تصوير حسي كاذب ناتج عن كيفية تأويل المدركات، وإذا اشتد أثره على الذات وسيطر عليها تحول إلى مرض عصبي، وهلوسة تخيل لصاحبها صور يظنها حقائق خارجية، مع أنها غير موجودة في الواقع تماما، وأكثر الحواس هلوسة حاستا السمع والبصر.

خاتمة : حل المشكلة
        إن الحديث عن الخيال يقتضي لا محالة الحديث عن مشكلة الذاكرة، إذ من الصعب تصور حياة نفسية مقصورة على مطلق الحاضر، أي على إدراك نقطة رياضية تفصل الماضي عن التخيل. وأن العالم الخارجي ودرايتنا به يشكلان كلا موحدا، فلا جدوى واقعيا من التفريق بين الذاكرة والخيال ، وأن ما نطلق عليه بالذاكرة الخالصة أو الخيال المجرد لا وجود له، وأن الذاكرة منبع للخيال بصورة آلية بقدر ما تشكل هي منطلقا له كفعل ناتج عن نشاط عقلي بصورة جزئية أو كلية، فهما إذن في علاقة جدلية متفاعلة على الدوام.

 فند القول التالي "النسيان سلبي"
المقدمة
يتميز الإنسان بقدرته على استرجاع ماضيه ودلك بواسطة الذاكرة كوظيفة نفسية تعمل على جمع الماضي والاحتفاظ به غير انه لا يقوى في بعض الحالات على دلك وهو ما يعرف بالنسيان لهدا الأخير أكثر من ضرورة في تكيف الإنسان مع محيطه وذاته رغم أن البعض يصرون على إمكانية الاستغناء عنه بل بوصفه (بالسلبي )في السلوك .فكيف يتسنى لنا تفنيد الأطروحة ودحضها ؟؟
"محاولة حل الإشكالية" :
عرض منطق الأطروحة:
إن النظرية السطحية لهده الوظيفة النفسية جعلت البعض يزعم انه لا يؤدي أي دور في السلوك (النسيان ) خاصة وانه كثيرا ما يكون السبب في فشلنا في الامتحانات والمسابقات كما انه يعمل على تبديل وضايا ما عملت الذاكرة على جمعه وتعبت في الاحتفاظ به فعلماء التربية مثلا:يرفعون شعار(آفة العلم النسيان )
رفع الأطروحة بحجج شخصية:
إن المقولة القائلة "النسيان سلبي " مقولة مشكوك في صحتها وزعم مبني على حجج يقينية هدا ما تؤكده حجج شخصية وأخرى علمية فشتان بين أن ننضر للنسيان نضرة سطحية وبان نتعمق في حقيقتها فانا شخصيا لا يمكنني الاستغناء عنه فهو يلعب في حياتي أكثر من ضرورة فكثيرا من المواضيع المأساوية التي باتت تؤرقني وتشكل حاجزا أمام تكيفي لولا أن تدخل النسيان وعمل على تفتيتها وتبديدها ومحوها من الذاكرة .
وان البعض يرجح تسمية الإنسان بهدا الاسم كون النسيان يدخل في صميمه وجوهره فانا شخصيا كدالك أشاطر الدين يرفعون شعار"ا أننا نعيش تحت رحمة النسيان". فطبيعي في الإنسان أن يترفع عن بعض سفاسف الأمور يقول روبرت طوني "إن الذاكرة الأخاذة والحافظة تشكل عائقا أمام تكيف الفرد"
نقول للدين ينضرون للنسيان نضرة سلبية انه لولا النسيان لما أمكن للإنسان أن يتقدم ولو شبرا من المعرفة لان دلك يقتضي غض النضر عن بعض ما ينحل في اهتماماتها إن دل على شيء فإنما يدل على أن للنسيان أكثر من ضرورة في السلوك وتكفيه ضرورة بمعنى انه لا يوجد أي شخص ينسى .
نقد مناصري الأطروحة
في مقابل هدا هناك من يشكك في صدق هدا الطرح معتبرا النسيان نقمة ضنا منه على انه يعني إتلاف كل الماضي وضنا منه أن الذاكرة تعني الاحتفاظ بكل الماضيوكذلك مما يعاب عليه انه نظر للنسيان نضرة أحادية الطرف
الخاتمة:
وما نخلص إليه هو أن المقولة القائلة "النسيان سلبي" قولة مشكوك فيها فالنسيان ضرورة وليس ضريبة وإلا: ما هي الغاية من وجوده .نقول دلك بعد عرض الأطروحة ورفعها ونقد مناصريها اتضح انه لا ينبغي الأخذ بها ولا تبنيها.

            الموضوع : تحليل مقال فلسفي
           نص المقال : إذا كان التخيل استرجاع للصور الماضية، فما مدى علاقته بالذاكرة ؟
           الطريقة : مقارنة
 مقدمة : في الحقيقة أن الإنسان يسعى دوما للتكيف مع بيئته طبيعية كانت أو اجتماعية، ولا يكون ذلك إلا باستخدامه للعقل الذي يقوم بوظائف معينة ، من بين هذه الوظائف عملية الإدراك والتي هي عملية معقدة من خلالها نصل إلى معرفة العالم المحيط بنا عن طريف المنبهات الحسية، لكن إدراكنا للأشياء الخارجية من حيث هي حقيقة مستقلة عن الذات لا يستند إلى الإحساسات فقط بل يستند إلى وظائف عقلية أخرى كالتخيل والذاكرة، فالتخيل له دور يؤديه في عملية الإدراك ويزداد دوره عندما تعجز الذاكرة عن إتمام صورة الشيء المدرك. فإذا كان التخيل  قدرة الفكر على استحضار الصور، بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، وتركيب الصور تركيبا حرا، والذاكرة هي الوظيفة التي تعمل على حفظ الخبرات الماضية، والقدرة على إعادة إحيائها واسترجاعها، قصد التكيف مع الوضع الراهن. فإن الإشكال المطروح: ما الفرق بين التخيل والذاكرة ؟

التحليل :
        أوجه الاختلاف:
       ـ يتميز التخيل بالحرية حيث أن الأفكار والمواضيع التي نتخيلها لن نكون مقيدون بأي شيء، على عكس الذاكرة 
          التي تتقيد بما تم حفظه في الماضي بطريقة مرتبة.
       ـ مواضيع الذاكرة واقعية حيث ترتبط بحقيقة ما عشناه، على عكس التخيل الذي يبدأ بشق طريقه حيث يتنهي
          الواقع ، فأين ما ينتهي الواقع يبدأ الخيال.
       ـ كل الناس يملكون ملكة الذاكرة، أما ملكة التخيل فهي خاصة بخواص الناس من العلماء والفلاسفة والأدباء
          والمفكرون.
       ـ قد يتدخل الوعي في عملية التذكر ولكن كثيرا ما يكون اللاوعي وراء التخيل.
       ـ مواضيع الذاكرة معلومة أما الخيال فكثيرا ما يكون مجهول المغزى.
       ـ تقوم الذاكرة بإعادة ما هو قديم، أما التخيل فهو يبني الجديد.
       ـ الذاكرة محدودة أما إطار الخيال فغير محدود.
أوجه التشابه:
        ـ كل من الذاكرة والتخيل يعتبران من العمليات النفسية.
        ـ كل من الذاكرة والتخيل يعتمدان على العقل، باعتبارهما وظائف عقلية.
        ـ كلاهما الذاكرة والتخيل يستعمل الماضي للتعامل مع الحاضر.
        ـ كلاهما التذكر والتخيل يساعد على تكيف الإنسان مع بيئته.
أوجه التداخل: : في الحقيقة أن التخيل والتذكر وظيفتان مترابطتان ومتداخلتان، ولا يمكن أن نستغني عن بعض من التخيل ونحن نمارس فعل التذكر، ولا أن نستغني عن بعض من التذكر ونحن بصدد التخيل. فالتخيل يضيف إلى الذاكرة ويعيد إحياءها ويبعث فيها الحيوية، كما أن الذاكرة قد تساعد التخيل فهي كثيرا من الأحيان ما تكون مرجعا مهما له.

الخاتمة:  في الأخير يمكن أن نؤكد أن العلاقة بين التخيل والذاكرة هي علاقة تأثر وتأثير وتعاون على فهم الواقع المحيط بالإنسان، وهما يتعاونان مع بقية الوظائف والقدرات النفسية عند الإنسان لمواجهة مختلف مواقف الحياة المعرفية والعملية مع السعي للتكيف مع شروطها المتغيرة.
      


    
الموضوع : تحليل مقال فلسفي
نص المقال: هل الإبداع ليس سوى استجابة لمقتضيات البيئة الاجتماعية؟
الطريقة: جدلية
مقدمة: يسعى الإنسان دائما لتغيير وضعه إلى الأحسن، وهذا التغيير يتطلب القدرة على التحرر من الصور الماضية وعلى تركيبها بأسلوب جديد وتأليفها في تركيبات جديدة ليست موجودة في الواقع، ولذلك فإبداع أساليب اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية جديدة لا يتسنى لجميع الناس، فالمبدع لا يقتفي أثر الأشياء الموجودة من قبل، بل يأتي ببناء جديد قلما يتهيأ لسواه. فهل لهذا التميز الإبداعي جذور شخصية تكمن فيما يتمتع به المبدع من مواهب أم أن البيئة الاجتماعية هي الدافع للإبداع؟

التحليل:
الموقف الأول: إن المبدع في نظر الفلاسفة الاجتماعيين لا يستمد مادة إبداعه من واقع المجتمع فحسب، بل نشاطه يعتبر ظاهرة اجتماعية مثل بقية الظواهر الأخرى، وهذا ما رآه دوركايم وبين أن عملية الإبداع مهما تعددت مجالاتها تتحكم فيها شروط اجتماعية، لأن الإبداع يتوقف من جهة على حاجات المجتمع، وعلى درجة النمو التي بلغها من جهة أخرى، فالإبداع من هذا المنظور يعتبر تراثا اجتماعيا تتناقله الأجيال، وما دام الفرد من صنع المجتمع فلا بد أن تكون سلوكاته بما فيها السلوكات الإبداعية من نتاج المجتمع، إن الفنانين والعلماء لا يبدعون لأنفسهم وإنما يبدعون وفق ما يحتاج إليه المجتمع وما يسمح به وما يمدحه ويباركه، وكل تراث علمي أو فني هو شاهد على روح العصر والثقافة السائدة في المجتمع وهذا يدل على أن المبدع لا يعالج إلا المشاكل التي تظهر في وسطه الاجتماعي. ولا يبدع أي شيء إلا إذا توفرت لديه جملة من الشروط الاجتماعية، وهذا ما أكده العالم الفرنسي ريبو حين قال:" مهما كان الإبداع فرديا فإنه يحتوي على نصيب اجتماعي".
مناقشة: لا يعقل أن يحصل الإبداع كلما احتاج المجتمع إلى هذا الإبداع مهما كانت الشروط الاجتماعية والوسائل التي يوفرها لأن هذا مخالف للواقع ، فالفروق الفردية تشير إلى تفاوت الناس في القدرات العقلية بصفة عامة وفي الذكاء بصفة خاصة مما يجعلنا نعتقد أن المبدعين لهم طبيعة خاصة، كما أن تاريخ المبدعين في حقب خلت حافل بالأمثلة الدالة على ما لقيه بعضهم من اضطهاد وإساءة من المجتمع.
الموقف الثاني: يرى علماء النفس أن الإبداع ليس ظاهرة عامة منتشرة في المجتمع، وإنما هو ظاهرة خاصة نجدها عند بعض الأفراد، ولا نجدها عند غيرهم بدليل أن العباقرة الذين كانوا وراء التغيرات الحادثة في تاريخ الفكر والحضارة يمتازون بخصائص نفسية وقدرات عقلية هيأتهم لوعي المشاكل القائمة، فالإبداع من هذا المنظور كشف يطالع النفس ويشرق في جوانبها فجأة، ويثير فيها حالة انفعالية وفكرية معينة. ولا شك في أن عملية الإبداع طويلة وشاقة لأنها مبنية على المعاناة الدائمة، لأن تجسيد الإلهام أو تحقيق الفكرة الأصيلة يتطلب جهدا كبيرا وصبرا طويلا، وإن كان له صلة بميول ورغبات الشخص المبدع، كما يرى

فرويد أن العمل المبدع في نظره تعبير عن الرغبات المكبوتة التي تحقق عن طريق الخيال. وهذا يدل على أن لعملية الإبداع أصولا نفسية عميقة، وهي كثيرا ما تكون مصحوبة بمظاهر انفعالية حادة، وهذا ما أراد برغسون أن يبينه فقال:" إن العظماء الذين يتخيلون الفروض والأبطال والقديسين الذين يبدعون المفاهيم الأخلاقية، لا يبدعونها في حالة جمود الدم، وإنما يبدعون في جو حماسي، وتيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار".
مناقشة: لا يمكن إنكار دور العوامل النفسية في عملية الإبداع لأن الإبداع تجسيد لما يختلج في النفس من معاني وصور ولكن تحقيقه يحتاج إلى مناخ اجتماعي وحضاري يوفر للمبدع جملة من الشروط الموضوعية التي بدونها تصبح عملية الإبداع أمرا صعبا، لذا فالعوامل السيكولوجية لا تكفي لخلق عملية الإبداع وبالتالي فالكثير من المفكرين يرون أن كل إبداع لا بد له من مناخ اجتماعي.
التركيب:
إن عملية الإبداع ترجع بالدرجة الأولى إلى العوامل الذاتية " النفسية " لأن الكثير من العباقرة ظهروا في بيئة اجتماعية غير ملائمة، لكن هذا لا يعني عدم تأثير البيئة الاجتماعية " العوامل الموضوعية " على عملية الإبداع، فالتوجيه التربوي يؤثر في تنمية الملكات الذهنية وتوجيهها لدى الإنسان، لذا فالإبداع يعود إلى حيوية المبدع وما يتمتع به من خصائص نفسية وعقلية كتظافر الوظائف النفسية من ذكاء وتخيل وذاكرة وتوفر الميول الكافية من رغبات وآمال كما أن المبدع يستمد عناصر إبداعه من المجتمع، فالوسط الاجتماعي الملائم من حاجات وظروف وأفكار وتطور علمي وثقافي حافز على الإبداع.

خاتمة: في الأخير يمكن أن نؤكد على أن الإبداع ليس مجرد الهام مفاجئ يحظى به بعض الأفراد في المجتمع، بل هو ظاهرة فردية تضرب بأعماق جذورها في الحياة الاجتماعية التي منها يأخذ المبدع مادته، فالإبداع يستمد حيويته من ميول الفرد ويستمد مادته من حاجة المجتمع، وعليه فالإبداع يكون بالتكامل بين الشروط الاجتماعية " الموضوعية " والشروط النفسية " الذاتية ".      
         

                   مقالة مهمة في الباكلوريا للشعبة الادبية الذاكرة بطريقة الجدل


إذا كنت أمام موقفين متعارضين يقول أولهما (إن الذاكرة حادثة بيولوجية )و يقول ثانيهما (إن الذاكرة حادثة فردية)مع العلم أن كلاهما صحيح في سياقه و نسقه ويدفعك القرار إلى أن تفصل في الأمر فتضع التفسير الحقيقي للذاكرة فما عساك أن تفعل؟ مقدمة:تتأثر أفعالنا اتجاه المشكلات التي تعترضنا بمكتسبات تجاربنا السابقة وليس انقطاع الإدراك في الحاضر معناه زوال الصورة الذهنية المدركة,بل إن الإنسان يتميز بقدرته اختزان تلك الصورة مما يجعله يعيش الحاضر والماضي معا وهذا ما يسمى بالذاكرة وهي القدرة على استعادة الماضي مع معرفتنا أنه ماضي, وقد اختلف الفلاسفة في تفسير طبيعة الذاكرة وحفظ طبيعة الذكريات هل هي عضوية لهما مكان معين في الدماغ أم هي قدرة عقلية نفسية ؟ وهل يمكن تفسير الذاكرة بالاعتماد على النشاط العصبي ؟ وهل تعتمد الذاكرة على الدماغ فقط أم تحتاج الى غير ذالك ؟ عرض الأطروحة الأولى :يحاول الماديون تفسير الذاكرة تفسيرا ماديا وربطها بخلايا الدماغ, و يقول عنها ابن سينا (أنها قوة محلها التجويف الأخير من الدماغ ) إن ملاحظات "ريبو" على حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها كحالة ( الفتاة التي أصيبت برصاصة في المنطقة اليسرى من الدماغ فوجد أنها فقدت قدرة التعرف على المشط الذي كانت تضعه في يدها اليمنى إلا أنها بقية تستطيع الإحساس به فتأكد له أن إتلاف بعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة إلى فقدان جزئي أو كلي للذاكرة و جعلته يستنتج أن الذاكرة وظيفة عامة للجهاز العصبي. و لقد تأثرت النظرية المادية بالمقولة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمل في ثنايا الجسم و أن الذكريات تترك أثر في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على أسطوانات التسجيل، و كان المخ وعاء يستقبل و يختزن مختلف الذكريات، و هي تثبيت بطريقة آليةأي شبيهة بالعبادة و لقد أستطاع "ريبو" أن يحدد مناطق معينة لكل نوع من الذكريات و يعيد 600 مليون خلية متخصصة لتسجيل كل الإنطباعات التي تاتينا من الخارج مستفيدا مما أثبته بعد تجارب بروكا من أن نزيفاً دمويا في قاعدة التلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسة و أن فساد التلفيف الثاني من يسار الناحية الجدارية يولد العمى اللفظي و غيرها، و يقول ريبو ( إن الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية و ظاهرة بسيكولوجية بالعرض) و من خلال كتابه أمراض الذاكرة رأى ( إن الذاكرة بطبيعتها عمل بيولوجي).مناقشة : لو كانت الذكريات مخزونة في خلايا القشرة الدماغية فكيف تفسر زوال جميع الذكريات أحياناً و ضعف التذكر أحياناً أخرى.عرض الأطروحة الثانية : يرى "برغسون" أن الذاكرة نوعان- ذاكرة حركية تثمتل في صور عادات آلية مرتبطة بالجسم و هي ليست موجودة فيه ... إنها ديمومة نفسية أي روح و يعرف لالاند الذاكرة بأنها وضيفة نفسية تمثل في بناء حالة شعورية ماضية و يرى "برغسون" بأن عملية التذكر تتحكم فيها مجموعة من العوامل النفسية كالرغبات و الميول و الدوافع فبمقدرة الشاعر على حفظ الشعر أكبر من قدرة الرياضي. و مقدرة الرياضي في حفظ الأرقام والمسائل الرياضية أكبر من مقدرة الفيلسوف... و هكذا، و الفرض في حالة القلق والتعب يكون أقل قدرة على الحفظ، و هذا بالإضافة إلى سمات شخصية التي تأثر إيجابا و سلباً على القدرة على التعلم و التذكر كعامل السن و مستوى الذكاء و الخبرات السابقة ... و منه و حسب "برغسون" أن وظيفة الدماغ لا تتجاوز المحافظة على آليات الحركية أما الذكريات فتبقى أحوال نفسية محضة.مناقشة : إن "برغسونلا يقدم لنا أي حل للمشكل عندما أستبدل الآثار الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ بآثار نفسية أو صور عقلية مخزنة في اللاشعور و هو لم يفسر لنا كيف تعود الذكريات إلى سطح اللاشعور عن طريق إثارتها كمعطيات ماضية، كما أن الفصل المطلق بين ما هو جسمي و ما هو نفسي أمر غير ممكن واقعياً.التركيب:إذا كان "ريبو" أعاد الذاكرة إلى الدماغ، و إذا كان "برغسون" أرجعها إلى النفس فإنها هالفاكس في النظرية الاجتماعية يرجعها إلى مجتمع يقول ) ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات و أين تحفظ إذ أنني أتذكرها من الخارج ... فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها) و يقول أيضا ( إنني عندما أتذكر فإن الغير هم الذين يدفعونني إلى التذكر و نحن عندما نتذكر ننطلق من مفاهيم مشتركة بين الجماعة) إن ذكرياتنا ليست استعادة لحوادث الماضي بل تجديد لبنائها وفقاًَ لتجربة الجماعة و أعتبر "بيار" جاني ( أن الذاكرة الاجتماعية تتمثل في اللغة و أن العقل ينشئ الذكريات تحت تأثير الضغط الاجتماعي و لا يوجد ماضي محفوظ في الذاكرة الفردية كما هو و الماضي يعاد بنائه على ضوء المنطق الاجتماعي.الخاتمة :و أخيراً نستنتج أن الذاكرة هي وضيفة تكاملية بين الجسم و النفس و المجتمع و يقول "دولاكرواإن التذكر نشاط يقوم به الفكر و يمارسه الشخص فيبث فيه ماضيه تبعا لاهتماماته و أحواله و يبقى كل قول صحيح في سياقه و نسقه.



المقالة الثانية حول الإبداع : هل ترجع عملية الإبداع إلى شروط نفسية فقط ؟( جدلية)

طرح المشكلة : إن الإبداع هو إيجاد شيء جديد ، وذلك ما يكشف عن اختلافه عن ماهو مألوف ومتعارف عليه ، وعن تحرره من التقليد ومحاكاة الواقع . ومن جهة أخرى ، فإن عدد المبدين – في جميع المجالات – قليل جدا مقارنة بغير المبدعين ، وهو ما يوحي أن تلك القلة المبدعة تتوافر فيها صفات وشروط خاصة تنعدم عند غيرهم ، فهل معنى ذلك أن الإبداع يتوقف على شروط ذاتية خاصة بالمبدع ؟
– محاولة حل المشكلة :
– عرض الأطروحة : يرى بعض العلماء ، أن الإبداع يعود أصلا إلى شروط نفسية تتعلق بذات المبدع وتميزه عن غيره من غير المبدعين كالذكاء وقوة الذاكرة وسعة الخيال والاهتمام والإرادة والشجاعة الأدبية والجرأة والصبر والرغبة في التجديد  إضافة إلى الانفعالات من عواطف وهيجانات مختلفة . ومن يذهب إلى هذه الوجهة من النظر الفيلسوف الفرنسي ( هنري برغسون ) والعالم النفساني ( سيغموند فرويد ) الذي يزعم أن الإبداع يكشف عن فاعلية اللاشعور وتعبير غير مباشر عن الرغبات المكبوتة .
- الحجة : ويؤكد ذلك ، أن استقراء حياة المبدعين – في مختلف ميادين الإبداع – يكشف أن هؤلاء المبدعين إنما يمتازون بخصائص نفسية وقدرات عقلية هيأتهم لوعي المشاكل القائمة وإيجاد الحلول لها .
فالمبدع يتصف بدرجة عالية من الذكاء والعبقرية ، فإذا كان الذكاء – في احد تعاريفه – قدرة على حل المشكلات ، فإنه يساعد المبدع على طرح المشاكل طرحا صحيحا وإيجاد الحلول الجديدة لها . ثم أن المبدع في تركيبه لأجزاء وعناصر سابقة لإبداع جديد إنما يكشف في الحقيقة عن علاقة بين هذه الأجزاء أو العناصر ، والذكاء – كما يعرف أيضا – هو إدراك العلاقات بين الأشياء أو الأفكار .
واصل كل إبداع التخيل المبدع ، والتخيل – أصلا – هو تمثل الصور مع تركيبها تركيبا حرا وجديدا ، لذلك فالإبداع يقتضي مخيلة قوية وخيالا واسعا خصبا ، فكلما كانت قدرة الإنسان على التخيل أوسع كلما استطاع تصور صور خصبة وجديدة ، وفي المقابل كلما كانت هذه القدرة ضيقة كان رهينة الحاضر ومعطيات الواقع .
ويشترط الإبداع ذاكرة قوية ، فالعقل لا يبدع من العدم بل استنادا إلى معلومات وخبرات سابقة التي تقتضي تذكرها ، لذلك فالذاكرة تمثل المادة الخام والعناصر الأولية للإبداع .
هذا ، واستقراء حياة المبدعين وتتبع أقوالهم وهم يصفون حالاتهم قبل الإبداع اواثنائه ، يؤكد دور الإرادة والاهتمام في عملية الإبداع ، فمن كثرة اهتمام العالم الرياضي الفرنسي ( بوانكاريه ) بإيجاد الحلول الجديدة للمعادلات الرياضية المعقدة ، غالبا ما كان يجد تلك الحلول وهو يضع قدميه على درج الحافلة ، وهذا ( ابن سينا ) قبله من شدة اهتمامه بمواضيع بحثه كثيرا ما كان يجد الحلول للمشكلات التي استعصت عليه إثناء النوم . والعالم ( نيوتن ) لم يكتشف قانون الجاذبية لمجرد سقوط التفاحة ، وإنما كان يفكر باهتمام بالغ وتركيز قوي في ظاهرة سقوط الأجسام ، وما سقوط التفاحة الا مناسبة لاكتشاف القانون .
وما يثبت دور الحالات الوجدانية الانفعالية في عملية الإبداع أن التاريخ يثبت – على حد قول برغسون – ان « كبار العلماء والفانين يبدعون وهم في حالة انفعال قوي » . ذلك ان معطيات علم النفس كشفت ان الانفعالات والعواطف القوية تنشط المخيلة التي هي المسؤولية عن عملية الإبداع . وبالفعل ، فاروع الإبداعات الفنية والفكرية تعبر عن حالات وجدانية ملتهبة ، فلقد اجتمعت عواطف المحبة الأخوية والحزن عند ( الخنساء ) فأبدعت في الرثاء .
ولما كان الإبداع هو إيجاد شيئ جديد ، فما هو جديد – في جميع المجالات – يقابل برفض المجتمع لتحكم العادة ، فمثلا أفكار( سقراط ) و ( غاليلي ) قوبلت بالرفض والاستنكار ، ودفعا حياتهما ثمنا لأفكارهما الجديدة ، وعليه فالمبدع إذا لم يتصف بالشجاعة الفكرية والأدبية والروح النقدية والميل إلى التحرر .. فإنه لن يبدع خشية مقاومة المجتمع له .
- النقد : ولكن الشروط النفسية المتعلقة بذات المبدع وحدها ليست كافية لحصول الإبداع ، إذ معنى ذلك وجود إبداع من العدم . والحقيقة انه مهما طالت حياة المبدع فانه من المحال ان يجد بمفرده أجزاء الإبداع ثم يركبها من العدم . ومن جهة أخرى ، فالذكاء – الذي يساهم في عملية الابداع – وان كان في أصله وراثيا ، فإنه يبقى مجرد استعدادات فطرية كامنة لا تؤدي الى الابداع مالم تقم البيئة الاجتماعية بتنميتها وإبرازها . كما يستحيل الحديث عن ذاكرة فردية محضة بمعزل عن المجتمع . واخيرا ، فإن ان هذه الشروط حتى وان توفرت فهي لا تؤدي الى الإبداع مالم تكن هناك بيئة اجتماعية ملائمة تساعد على ذلك . وهذا يعني ان للمجتمع نصيب في عملية الإبداع .
– عرض نقيض الأطروحة : وعلى هذا الأساس ، يذهب الاجتماعيون إلى ان الإبداع ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى ، تقوم على ما يوفره المجتمع من شروط مادية او معنوية ، تلك الشروط التي تهيئ الفرد وتسح بالإبداع . وهو ما يذهب إليه أنصار النزعة الاجتماعية ومنهم ( دوركايم ) الذي يؤكد على ارتباط صور الإبداع المختلفة بالأطر الاجتماعية .
– الحجة : وما يثبت ذلك ، أن الإبداع مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية اما لجلب منفعة او دفع ضرر ، فالحاجة هي التي تدفع إلى لإبداع وهي ام الاختراع ، وتظهر الحاجة في شكل مشكلة اجتماعية ملحة تتطلب حلا ، فإبـداع ( ماركس ) لفكرة " الاشتراكية " انما هو حل لمشكلة طبقة اجتماعية مهضومة الحقوق ، و اكتشاف " تورشيلي " لقانون الضغط جاء كحل لمشكلة اجتماعية طرحها السقاءون عند تعذر ارتفاع الماء إلى أكثر من 10.33م .
كما ان التنافس بين المجتمعات وسعي كل مجتمع إلى إثبات الوجود ما يجعل المجتمع يحفز أفراده على الإبداع ويوفر لهم شروط ذلك ؛ فاليابان – مثلا – لم تكن شيئا يذكر بعد الحرب العالمية الثانية ، لكن تنافسها الاقتصادي مع أمريكا واروبا الغربية جعل منها قوة خلاقة مبدعة . كما ان التنافس العسكري بين أمريكا والاتحاد السوفياتي سابقا أدى الابداع في مجال التسلح وكما ترتبط ظاهرة الابداع بحالة العلم والثقافة القائمة ؛ وما يثبت ذلك مثلا انه من المحال ان يكتشف المصباح الكهربائي في القرن السابع ، لأنه كإبداع يقوم على نظريات علمية رياضية فيزيائية لم تكن متوفرة وقتذاك . ولم يكن ممكنا اكتشاف الهندسة التحليلية قبل عصر ( ديكارت ) ، لأن الجبر والهندسة لم يبلغا من التطور ما يسمح بالتركيب بينهما . ولم يبدع شعراء كبار مثل ( المتنبي ، أبو تمام .. ) الشعر المسرحي في عصرهم ، لأن الأدب المسرحي لم يكن معروفا حينذاك . وتعذر على ( عباس بن فرناس ) الطيران ، لأن ذلك يقوم على نظريات علمية لم تكتشف في ذلك العصر ويرتبط الإبداع – ايضا - بمختلف الظروف السياسية ؛ حيث يكثر الابداع اليوم في الدول التي تخصص ميزانية ضخمة للبحث العلمي وتهيئ كل الظروف التي تساعد عى الإبداع . ولقد عرفت الحضارة الاسلامية ازهى عصور الابداع ، لما كان المبدع يأخذ مقابل إبداعه ذهبا وتشريفا .
- النقد : غير ان التسليم بأن الشروط الاجتماعية وحدها كافية لحصول الإبداع يلزم عنه التسليم أيضا أن كل أفراد المجتمع الواحد مبدعين عند توفر تلك الشروط وهذا غير واقع . كما ان الاعتقاد ان الحاجة ام الاختراع غير صحيح ، فليس من المعقول ان يحصل اختراع او إبداع كلما احتاج المجتمع الى ذلك مهما وفره من شروط ووسائل . وما يقلل من أهمية الشروط الاجتماعية هو أن المجتمع ذاته كثيرا ما يقف عائقا أمام الإبداع ويعمل على عرقلته ، كما كان الحال في اروبا إبّـان سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى .
 – التركيب : ان الإبداع كعملية لا تحصل إلا إذا توفرت لها شروط ذلك ، فهي تتطلب أولا قدرات خاصة لعلها لا تتوفر عند الكثير ، مما يعني ان تلك القلة المبدعة لم تكن لتبدع لولا توفرها على تلك الشروط ، غير انه ينبغي التسليم ان تلك الشروط وحدها لا تكفي ، فقد تتوفر كل الصفات لكن صاحبها لا يبدع ، مالم يجد مناخ اجتماعي مناسب يساعده على ذلك ، مما يعني ان المجتمع يساهم بدرجة كبيرة في عملية الإبداع بما يوفره من شروط مادية ومعنوية ، مما يؤدي بنا إلى القول أن الإبداع لا يكون الا بتوفر الشروط النفسية والاجتماعية معا .
– حل المشكلة : وهكذا يتضح ان عملية الابداع لا ترجع الى شروط نفسية فقط ، بل وتتطلب بالإضافة إلى ذلك جملة من الشروط الاجتماعية فالشروط الاولى عديمة الجدوى بدون الثانية ، الأمر الذي يدعونا ان نقول مع ( ريبو ) : « مهما كان الابداع فرديا ، فإنه يحتوي على نصيب اجتماعي » .



           الموضوع : تحليل مقال فلسفي
           نص المقال : إذا كان التخيل استرجاع للصور الماضية، فما مدى علاقته بالذاكرة ؟
           الطريقة : مقارنة
 مقدمة : في الحقيقة أن الإنسان يسعى دوما للتكيف مع بيئته طبيعية كانت أو اجتماعية، ولا يكون ذلك إلا باستخدامه للعقل الذي يقوم بوظائف معينة ، من بين هذه الوظائف عملية الإدراك والتي هي عملية معقدة من خلالها نصل إلى معرفة العالم المحيط بنا عن طريف المنبهات الحسية، لكن إدراكنا للأشياء الخارجية من حيث هي حقيقة مستقلة عن الذات لا يستند إلى الإحساسات فقط بل يستند إلى وظائف عقلية أخرى كالتخيل والذاكرة، فالتخيل له دور يؤديه في عملية الإدراك ويزداد دوره عندما تعجز الذاكرة عن إتمام صورة الشيء المدرك. فإذا كان التخيل  قدرة الفكر على استحضار الصور، بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، وتركيب الصور تركيبا حرا، والذاكرة هي الوظيفة التي تعمل على حفظ الخبرات الماضية، والقدرة على إعادة إحيائها واسترجاعها، قصد التكيف مع الوضع الراهن. فإن الإشكال المطروح: ما الفرق بين التخيل والذاكرة ؟

التحليل :
        أوجه الاختلاف:
       ـ يتميز التخيل بالحرية حيث أن الأفكار والمواضيع التي نتخيلها لن نكون مقيدون بأي شيء، على عكس الذاكرة 
          التي تتقيد بما تم حفظه في الماضي بطريقة مرتبة.
       ـ مواضيع الذاكرة واقعية حيث ترتبط بحقيقة ما عشناه، على عكس التخيل الذي يبدأ بشق طريقه حيث يتنهي
          الواقع ، فأين ما ينتهي الواقع يبدأ الخيال.
       ـ كل الناس يملكون ملكة الذاكرة، أما ملكة التخيل فهي خاصة بخواص الناس من العلماء والفلاسفة والأدباء
          والمفكرون.
       ـ قد يتدخل الوعي في عملية التذكر ولكن كثيرا ما يكون اللاوعي وراء التخيل.
       ـ مواضيع الذاكرة معلومة أما الخيال فكثيرا ما يكون مجهول المغزى.
       ـ تقوم الذاكرة بإعادة ما هو قديم، أما التخيل فهو يبني الجديد.
       ـ الذاكرة محدودة أما إطار الخيال فغير محدود.
أوجه التشابه:
        ـ كل من الذاكرة والتخيل يعتبران من العمليات النفسية.
        ـ كل من الذاكرة والتخيل يعتمدان على العقل، باعتبارهما وظائف عقلية.
        ـ كلاهما الذاكرة والتخيل يستعمل الماضي للتعامل مع الحاضر.
        ـ كلاهما التذكر والتخيل يساعد على تكيف الإنسان مع بيئته.
أوجه التداخل: : في الحقيقة أن التخيل والتذكر وظيفتان مترابطتان ومتداخلتان، ولا يمكن أن نستغني عن بعض من التخيل ونحن نمارس فعل التذكر، ولا أن نستغني عن بعض من التذكر ونحن بصدد التخيل. فالتخيل يضيف إلى الذاكرة ويعيد إحياءها ويبعث فيها الحيوية، كما أن الذاكرة قد تساعد التخيل فهي كثيرا من الأحيان ما تكون مرجعا مهما له.

الخاتمة:  في الأخير يمكن أن نؤكد أن العلاقة بين التخيل والذاكرة هي علاقة تأثر وتأثير وتعاون على فهم الواقع المحيط بالإنسان، وهما يتعاونان مع بقية الوظائف والقدرات النفسية عند الإنسان لمواجهة مختلف مواقف الحياة المعرفية والعملية مع السعي للتكيف مع شروطها المتغيرة.
      

الموضوع : تحليل مقال فلسفي                                                         
                                            نص المقال : هل الإبداع من طبيعة نفسية أو اجتماعية ؟

طرح المشكلة  : إن استقراء تاريخ الحضارات يكشف لنا أن الأمم التي لها ذكر في التاريخ عبر أزمانه  إنما هي  أمم على درجة من الإبداع سواء في المجال الفني أو العلمي أو الفلسفي...  وبالنظر إلى أهمية الإبداع في وجود الأمة واستمرارها فقد كان موضوع دراسة بعض الفلاسفة والعلماء ,قصد تفسير طبيعته وبيان الدوافع التي تحفز المبدعين وتدفعهم إلى الإنتاج الإبداعي .
   ومن بين الإشكاليات التي أثيرت بشأن تفسير ظاهرة الإبداع نذكر : هل الإبداع عملية سحرية يمتاز بها عدد من البشر الملهمين ؟ أو هو ظاهرة وضعية تتحدد بشروطها الاجتماعية ؟ وبمعنى أشمل : هل الإبداع من طبيعة نفسية أو من طبيعة اجتماعية ؟  
محاولة حل المشكلة :
الرأي الأول الموقف القائل :( إن الإبداع من طبيعة نفسية )  إن الإبداع من منظور النظرية النفسية ظاهرة نجدها عند البعض الأفراد ولا نجدها عند غيرهم بدليل إن العباقرة الذين كانوا وراء التغيرات الحادثة في تاريخ الفكر والحضارة يمتازون بخصائص نفسية وقدرات عقلية , وكل ما يشحذ الذات ويدفعها إلى الإبداع من دوافع وانفعالات سارة أو مؤلمة تساعد على انجاز العمل الإبداعي . ومن المفكرين والفلاسفة الذين أكدوا أن الإبداع كشف يطالع النفس ويشرق في جوانبها فجأة عالم الكلام – حجة الإسلام –( أبو حامد الغزالي ) حيث قال : " إن الإلهام كالضوء من سراج الغيب يقع على قلب صاف لطيف فارغ " . وأكد عالم الطبيعة الفرنسي (جوس ) نفس الفكرة حيث قال : " وأخيرا ... نجحت لا لأنني بذلت جهودا مضنية , ولكن بهبة من الله كأن إشراقا حدث فجأة وحل اللغز ." إذن الإلهام لحظات قصيرة تتفتق فيها عبقرية الإنسان عن إبداعات قد تحدث في لحظات مغايرة للمنطق فتكون أثرا لا يقاس على مثال .فقد ذكر أفلاطون في محاورة ( أيون ) والتي تحدث فيها عن الإلياذة وهوميروس : " إن الشاعر كائن أثيري مقدس , ذو جناحين لا يمكن أن يبتكر قبل أن  يلهم , فيفقد صوابه وعقله , ومدام الإنسان يحتفظ بعقله فانه لا يستطيع أن ينظم الشعر ". و يقال أن  (فاجنر ) سمع في منامه اللحن الأساسي الذي يتردد في افتتاحية رائعته الموسيقية  ( ذهب الرين ) . ويحكى عن الشاعر الانجليزي (كولردج ) أنه كان يطالع ذات صباح فغلبه النعاس ثم أفاق من نومه وأخذ يخط بسرعة قصيدته المشهورة ( كوبلاخان ) حتى وصل إلى البيت 54 منها ...ثم خمدت نار الإلهام فكف عن الكتابة وترك القصيدة ولم يعد لها قط . غير أن الموهبة والإلهام بدون عمل وجهد لا معنى لهما . فلقد عبر( بوانكريه ) عن اكتشافاته الرياضية بأنها بدت له فجأة وفي مناسبات لم يكن يفكر أثناءها  في هذه الموضوعات لكن حدث هذا بعد جهود السنين الطوال فتظهر له الحلول فجأة في صورة الهام غير متوقع لذلك قال :  " إن الحظ يحالف النفس المهيأة " . ويؤكد الفيلسوف الفرنسي ( هنري برغسون ) أن لعملية الإبداع أصول نفسية عميقة , وهي كثيرا ما تكون مصحوبة بمظاهر انفعالية حادة إذ ذكر : " أن العظماء الذين يتخيلون الفروض , و الأبطال ,  والقديسين الذين يبدعون المفاهيم الأخلاقية , لا يبدعونها في حالة جمود الدم , وإنما يبدعون في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار " . و تذهب مدرسة التحليل النفسي إلى بيان أن الإبداع ظاهرة نفسية لاشعورية ففرو يد يرى أن التسامي هو المسئول عن كل الانجازات الحضارية التي قام بها الإنسان : " إن الصراعات الجنسية الطفيلية والرغبات العدوانية التي تؤدي إلى السلوك العصابي لدى من لا يستطيعون حلها حلا سويا , هي نفسها التي يحلها المبدع عن طريق التسامي أو الإعلاء فينشأ عن ذلك أشكال النشاط الإبداعي المختلفة " .
مناقشة : أن الأدلة التي أستند إليها القائلون بالطبيعة النفسية للإبداع لا تشكل دليلا قاطعا على صحة هذا الرأي فالموهبة والذكاء الفطري الحاد إذا لم يجدا البيئة المناسبة التي ينموان  من فأنها حتما سيضمحلان . كما أن الإلهام ليس ضربا من الوهم  فهو مهما كانت صفته فأن مصدره الواقع إذ أن المبدع وإن كان يتجاوز بخياله الواقع إلا أنه ينطلق منه . كما أن تفسير ( فرويد )لم تؤِكده التجربة العلمية .
الرأي الثاني  الموقف القائل :( إن الإبداع من طبيعة اجتماعية )  غير أن المبدع في نظر الفلاسفة الاجتماعين لا يستمد مادة إبداعه من واقع المجتمع فحسب , بل إن نشاطه يعتبر ظاهرة اجتماعية مثل بقية الظواهر الاجتماعية الأخرى وهذا ما يراه ( دوركايم ) وبين أن عملية الإبداع مهما تعددت مجالاتها تتحكم فيها شروطا اجتماعية  , لان الإبداع يتوقف من جهة أخرى على حاجات المجتمع , وعلى درجة النمو التي بلغها من جهة أخرى .فالإبداع من هذا المنظور يعتبر تراثا اجتماعيا تتناقله الأجيال , ومدام الفرد من صنع الجماعة فلابد أن تكون سلوكا ته بما فيها السلوكات الإبداعية من نتاج المجتمع . إن الفنانين والعلماء لا يبدعون لأنفسهم و وإنما وفق ما يحتاج أليه المجتمع , وما يسمح به  وكل تراث علمي أو فني هو شاهد على روح العصر و الثقافة السائدة في المجتمع  فأدب الفروسية هو تجسيد لطبيعة المجتمع القبلي , واختراع وسائل الحرب ما هو إلا وسيلة للمحافظة على كيان المجتمع ... كما أن المصباح الكهربائي الذي اخترعه ( أيدسون ) دعت إليه حاجة المجتمع للإنارة , وكذلك وسائل النقل
وهذا يدل على أن المبدع لا يعالج إلا المشاكل التي تظهر في وسطه الاجتماعي , ولا يبدع أي شيء إلا إذا توفر ت لديه جملة من الشروط الاجتماعية منها ما يتعلق بالشروط الاقتصادية فالإبداع سمة المجتمعات الراقية المتطورة حضاريا و المزدهرة اقتصاديا . وكذلك المجتمعات التي لايتوفر فيها الأمن و الاستقرار و الحياة الاجتماعية العادلة لايمكن أن توفر شروط الإبداع .
مناقشة : وعلى الرغم من أن المبدع يستقي مادة إبداعه من الواقع الاجتماعي , عملية الإبداع تحمل في طياتها بصمات تعبر عن حرية العقل ذلك أن الأ فكار الجديدة غالبا ما تقابل بالرفض من قبل المجتمع إن كانت تخالف عاداته ومعتقداته وهدا ما حدث ل (غاليي )  عندما اكتشف فكرة دوران الأرض حول الشمس , حيث قوبلت بالرفض والاستنكار من قبل المجتمع لأنها تتناقص الفكرة السائدة التي تقول بثبات الأرض      وأكد المفكر ( غاستون بوتول) في سياق نقده لفكرة المجتمع كشرط ضروري للإبداع : " فليس هناك فكر بدون ذات مفكرة , ولا إبداع بدون مبدع , فعوامل الإبداع يجب أن توجد كاملة في وظائف المبدع الثقافية التي لا يمكن تصورها طبعا بدون الحياة الاجتماعية التي تقويها وتعمل على التعبير عنها " .  ويؤكد ( روني بوار يل) : " إن الاختراع لا يتحقق في غياب عقل قادر عليه , وان كانت البنيات الثقافية في المجتمع ملائمة
التركيب :من خلال تحليل الرأيين  تتبين مغالاة كل نظرية في تأكيد ما اعتقدت أنه الطبيعة الوحيدة للإبداع والأقرب إلى الموضوعية هو القول إن الإبداع من طبيعة نفسية كم انه من طبيعة اجتماعية . إذ لا يمكن إنكار دور العوامل النفسية في عملية الإبداع , لأن الإبداع تجسيد لما يختلج في النفس من معاني وصور , ولكن تحقيقه يحتاج إلى مناخ اجتماعي  وحضاري يوفر للمبدع حملة من الشروط الاجتماعية التي من دونها تصبح عملية الإبداع أمرا صعبا , مما يجعلنا في النهاية نعتقد أن عملية الإبداع تقوم على التكامل بين الشروط النفسية و الشروط الاجتماعية .
حل المشكلة :نستنتج من خلال ما تقدم إن عملية الإبداع لا تنطلق من العدم , بل لابد أن تستند إلى معطيات موجودة في الواقع فالمبدع ينتقي عناصر إبداعه من هذه المعطيات  غير أنها لوحدها غير كافية فلابد أن ترتكز على القدرة الفطرية على الإبداع . وعليه يمكن القول إن  الإبداع موهبة صقلتها الأعمال والجهود وهيأتها التربية الاجتماعية المناسبة والإلهام هو لحظات اقتطاف تلك الثمرة اليافعة والمفيدة 

* بإمكانك إدراج الأكواد الغير قابلة لنشر بتحويله عبر محول الأكواد

تحويل الأكوادإغلاق التعبيراتإخفاء

شكرا لتعليقك
قالب بداية .. نقطة .